21 - 06 - 2024

تباريح | انقلاب على الثورة

تباريح | انقلاب على الثورة

(أرشيف المشهد)

22-11-2012 | 21:48

قرارات الرئيس مرسي كانت تحتاج إلى توافر شروط قليلة كي تكون رائعة ومعبرة عن الثورة ، ولأن هذه الشروط لم تتوافرفلا تفسير لها إلا أنها تكريس لدكتاتورية تهدد كل المكتسبات ، وتجيير لكل دماء الشهداء والمصابين لصالح جماعة الإخوان الذين تخلفوا عن الثورة ثم ركبوها.

لو أن مثل هذه القرارات صدرت يوم 12 فبراير 2011 على يد مجلس ثوري تمثل فيه كل الأطياف التي كانت في الميدان لصفقنا ، لكن الأمور سارت في اتجاه معاكس ، ففي الوقت الذي كان يجب أن نغلب شرعية الثورة قبلنا بشرعية الدولة ،  بسبب عدم وجود قيادة واضحة للميدان ، وبعد أن أجريت انتخابات وصار لدينا رئيس وجمعية تأسيسية للدستور وحالة رضاء بمنح القضاء سلطاته ، حدث انقلاب على شرعية الدولة لصالح شرعية الثورة!!

لو أن الرئيس الذي أصدر هذه القرارات كان شخصا توافقيا يقف على مسافة واحدة من التيارات السياسية لارتضى الجميع بذلك ، لكنه رئيس ينتمي لتيار ولجماعة يصدر قراراته بوحي منها ويسعى للتمكين لها، ويعادي كل ما من شأنه أن ينتقص من كسب حققته ، فيدخل في عداء مع القضاء الذي سبق وأن ارتضى به حكما ، وفي عداء مع تيارات سياسية سبق وأن سعى لدعمها في مواجهة منافسه على الرئاسة ، بل ويعادي شباب المتظاهرين في ميدان التحرير ، ويعتمد تجاههم حلولا أمنية بدلا من أن يحضر إليهم بنفسه كي يطفيء غضبهم ، ويدخل في عداء مع الإعلام لمجرد أنه لا يتعامل مع الجماعة التي خرج منها كما كان يتعامل مع الحزب الوطني ، وكأنه يريد إعادة الزمن إلى الوراء وقتل روح الثورة التي جعلت حق النقد مكفولا، رضي الحاكم وحزبه ذلك أم أبى.

لو أن الرئيس جمع القوى السياسية ثم توافق معها على هذه القرارات لما كانت هناك مشكلة ، لكنه ألغى الجميع وأمسك بكل مفاصل السلطة منفردا ، فأظهر قراراته وكأنها في مواجهة الكل ، صار الآن بإمكانه أن يعلن حالة الطواريء وأن يطلب من الجيش النزول إلى الشارع لقمع أي احتجاج يراه مناهضا للثورة ، في غيبة القضاء . صار بإمكانه أن يعيد مجلس الشعب الذي أبطله القضاء ، وأن يحل الجمعية التأسيسية ويشكل جمعية أخرى من طيف واحد تمرر الدستور الذي تراه ، صار بإمكانه أن يفرض باسم الثورة رقابة على الإعلام فلا يعلو صوت إلا صوت تياره ، وأن يمنح سلطات واسعة لأجهزة الأمن في القبض والتفتيش والتعذيب لانتزاع الاعترافات ونجد أنفسنا أمام نظام بوليسي جديد.

السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. 

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان